
د. شهاب غانم
شاعر وكاتب ومترجم.
موضوع الحب هو من أكثر الموضوعات تناولا لدى الشعراء إن لم يكن أكثرها. وحديث الشعراء عن الحب في العربية شديد التنوع فعنترة على سبيل المثال يقول لحبيبته في معلقته:
ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم
بينما يقول المنخل اليشكري:
وأحبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري
أما مجنون ليلى قيس بن الملوح فيقول:
فيا ربّ إذ صيرت ليلى هي المنى فزني بعينها كما زنتها ليا
وإلا فبغضها إلىّ وأهلها فإني بليلى قد لقيت الدواهيا
ويقول شاعر آخر:
أحبك بل أهوى التمنع في الهوى فإنك يحلو في هواك التمنع
تثيرين بالشوق الملح عواطفي فأنسج أنغام الغرام فأبدع
أما أبو الطيب المتنبي فيقول محذراً من العشق:
وَلِلخَودِ مِنّي ساعَةٌ ثُمَّ بَينَنا فَلاةٌ إِلى غَيرِ اللِقاءِ تُجابُ
وَما العِشقُ إِلّا غِرَّةٌ وَطَماعَةٌ يُعَرِّضُ قَلبٌ نَفسَهُ فَيُصابُ
ونود في هذا المقال أن نتوقف عند قصيدتين تحذران من إعلان الحب للحبيب أو إعطاء قلبك كله لمن تهوى، لشاعرين من أبرز شعراء اللغة الإنجليزية والقصيدتان من ترجمتي. القصيدة الأولى لوليم بليك (1757-1827 ( من إنجلترا، بريطانيا ويعد من أوائل الرومانسيين في الشعر الإنجليزي. يحذر الشاعر من إعلان حبك لمن تهوى قائلاً في قصيدته سر الحب:
لا تسعى أبدا لتعرب عن حبك، فالحب المعلن لا يمكن أن يحيا أبدا.
فالريح الرخاء تتحرك
بهدوء ودون أن ترى.
أعربت عن حبي، أعربت عن حبي،
أخبرتها بكل ما في قلبي،
وكنت مرتعشا، وأشعر بالبرد والقلق الشديد ..
وأواه، فقد تركتني!
وبعد أن رحلت عني بزمن قصير
مرَّ مسافر بنا،
وبصمتٍ وبشكلٍ غير محسوس
أخذها، مع آهة!
أما القصيدة الثانية فللشاعر الأيرلندي وليم بتلر ييتس (1865-1939) الذي كان من أشهر شعراء اللغة الإنجليزية في القرن العشرين وقد نال جائزة نوبل للأدب عام 1923 وهو في هذه القصيدة يحذر المرء من أن يعطي كل قلبه لمن يهوى. وأذكر أنني أنشدت قصيدة في حفل جائزة راشد للتفوق العلمي عام 1996 أمام صاحب السمو الشيخ الشاعر محمد بن راشد جاء فيها:
وهل ترتضي ليلى بنصف متيم وقد ذاب قيس في الهوى وتحرقا؟
يقول ييتس في قصيدته وعنوانها “لا تعطِ كل قلبك”:
لا تعط كل قلبك أبدا،
لأن الحب لدى النساء العاطفيات،
إذا ما كان مضمونا،
لا يرينه جديرا باهتمامهن،
فهن لا يخطر ببالهن
أن الحب يمكن أن يتلاشى قبلةً إثر قبلة؛
لأن كل شيء رائع
هو مجرد نوع من المتعة القصيرة الحالمة.
ولا تقدم قلبك دفعة واحدة أبدا،
لأنهن، على الرغم مما تقوله كل الشفاه الناعمة،
قد أعطين قلوبهن للعبة الحب؛
وكيف يستطيع أن يجيد تلك اللعبة
من كان أعمى وأصم وأخرس بسبب الحب؟
والذي نظم هذه الأبيات يعرف الثمن،
فقد وهب كل قلبه وخسر.